أعلان الهيدر

الجمعة، 7 يونيو 2019

الرئيسية الأشياء ومسمياتها

الأشياء ومسمياتها



دكتور/ محمد عبيد
أسئلة واستفسارات تدور فى مخيلتي منذ فترة ليست بالقصيرة ، قد تتقارب فيما بينها ، وقد تتباعد ، لكنني أشعر أن هناك خيطا رفيعا يربط بينها ، من هذه التساؤلات ، لماذا لا نؤمن بالتخصص ؟،  لماذا دخلت الفهلوة والحداقة والمفهومية كل أمور حياتنا ؟، وأضحت المسيرة لدفتها ، وأصبحنا نرى فى الصنايعى أو الفني مهندسا ، وفى صاحب محل البقالة أو العطارة رجل أعمال ، وفى كل من يمسك قلما ، ويتحدث من طرف أنفه كاتبا ومثقفا ، لماذا نسمى الهزيمة نكسة ؟، ونسمى الخروج من الدور الأول من بطولة عالمية تمثيلا مشرفا ، لماذا يتحول كل الناس إلى مهندسين متخصصين ؟ ،عندما يتعلق الأمر بالنواحي الهندسية ، ويتحولون إلى مدربين ومعلقين وحكام عندما يتعلق بالأمور الرياضية ، وإلى محللين سياسيين عندما نتناول قضية مهمة تتعلق بالأمور الداخلية أو الخارجية ، رغم معرفتنا المسبقة بأن هناك أمورا لا يمكن أن تظهر على السطح أو يعرفها الجميع ، وهى مبادئ مسلم بها على مستوى العالم ، فى ظل هذا العالم الغريب متعدد الاتجاهات والنوايا والأهداف ، لماذا لا نترك كل إنسان لتخصصه ؟ ، ونؤمن بأهمية هذا الأمر ودوره الفعال فى تقدم المجتمعات وتطورها و نهضتها . إن التخصص يحتاج إلى سنوات من الدراسة المتأنية على يد علماء فى ذات المجال ، كما أنه يحتاج إلى المعرفة الواعية والتفاصيل الدقيقة ، والتدليل على ذلك بلغة الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل ، ويصاحب ذلك لغة علمية تشمل المفاهيم والمصطلحات التي يفهمها من الوهلة الأولى أهل التخصص والخبرة . إن معظم دول العالم  أخذت من فترة  طويلة  بنظام التخصص الدقيق فى أمور الحياة وخاصة العلمية منها ،  فرأينا علما كعلم الكيمياء أو الفيزياء أو الأحياء ، يتشعب إلى مئات التخصصات التي تنبثق منها مئات التخصصات الفرعية ، لماذا لا نؤمن بدور المستمع والمشاهد المستفيد مما يحدث والمشارك فى الأحداث على قدر ثقافته ، ليس مهما أن يكون على إلمام تام بكل جوانب القضايا المطروحة ، ولكن المهم أن يكون على وعي بجوانب مختلفة من القضية لا تصل إلى حد التخصص ،إن دول الغرب حينما آمنت بهذه الأفكار وأفسحت المجال واسعا أمام التخصصات والتخصصات الدقيقة ، بدأنا نرى هذه الفرق العلمية التي تعمل مجتمعة ، ويعمل كل عالم فيها فى نطاق تخصصه بما يفيد بقية أفراد العمل، ويخدم البحث نفسه ، لقد أعطانا الغرب دروسا فى احترام هذه العلمية والاعتراف بدور العلماء وتخصصهم ، حينما نراهم ينسبون الفضل لأهله ، ويعترفون حينما ينجزون إنجازا علميا جديدا أن هذا الإنجاز ثمرة من ثمار تكاتف مجموعة من الباحثين فى فريق عمل واحد ، قد يظهر فى المقدمة رئيس هذه المجموعة أو مايسترو هذا العمل ، ولكنه فى المقام الأول لا يغفل دور بقية زملائه ، ويظهر أمام الجميع أنه قد جاء بهذا الإنجاز منفردا ، وأنه أتى بما لم تستطعه الأوائل ، إن الإنسان فى ظل هذا الطوفان الهائل المفتوح بكل غزارة وشراسة فى آن واحد والمسمى بعالم الإنترنت ، يجعل من وقوف الإنسان راضيا ومسلما بالقدر العلمي الذي حصله فى مرحلة الجامعة أو الدراسات العليا مجرد حلقة قديمة فى تاريخه ، إذ يجب على الإنسان المثقف أن يكون متابعا لكل ما تقذفه المطابع ، وما يصدر عن وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة  ، وما تعرض من قضايا  ، عندئذ نستطيع أن نقول على كل من يتحدث فى مجال تخصصه عالما ، سواء فى الرياضة أو النقد أو الإبداع أو السياسة أو الاقتصاد أو شتى مناحي الحياة ، ونسمي الأشياء بمسياتها . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فنون

سينما

يتم التشغيل بواسطة Blogger.