أعلان الهيدر

الأحد، 16 يونيو 2019

الرئيسية الشاعر الراحل / محمد قرنه

الشاعر الراحل / محمد قرنه


     الشاعر الراحل / محمد قرنه 
شطورة - طهطا - سوهاج - مصر 

 بقلم دكتور  : محمد عبيد

 ولدالشاعرمحمد محمد على قرنه – وشهرته محمد قرنه -  فى الحادى عشر من يونيه عام ألف وتسعمائة وستة عشر،  فى شطورة ،  إحدى قرى مركز طهطا محافظة سوهاج بصعيد مصر،  ووالده  الشيخ محمد على قرنه رجل صالح تقي من رجال التعليم البارزين فى القرية – فى تلك الفترة – مما أكسبه صفات التقوى ، ومثالية فى تعامله مع الحياة ظلت تلازمه حتى وفاته .  وقد حفظ القرآن الكريم في كتّاب القرية صغيراً، ثم حصل على ابتدائية المعاهد الدينية (الأزهر) عام 1930.
ثم يمم وجهه شطر قاهرة المعز فالتحق بمدرسة دار العلوم القسم الثانوي فالعالي حتى تخرج فيها عام 1939, وكان ترتيبه الحادى عشر على مستوى دفعته ، و تم تعيينه  مدرسا فى مدرسة " فهمى الأتشه " بسمالوط ، حتى عام 1944، ثم في أسيوط، فالقاهرة ، وظل يتدرج في وظائفه حتى أصبح مديرًا عامًا لإدارة التعليم الابتدائي في وزارة التربية والتعليم
وقد جمعت الصداقة والزمالة بينه وبين صديق عمره الشاعر أحمد مخمير الذى شاركه منزله أوقاتا طويلة ، وتكتمل مجموعة الأصدقاء بطاهر أبو فاشا ، والعوضى الوكيل .
يلتقون فى أمسيات وندوات شعرية ، ويتراسلون شعرا، وينقد بعضهم بعضا ، إلى جانب علاقته الوثيقة مع الأستاذ عباس محمود العقاد ، والتى بدأت بينهما من خلال متابعة محمد قرنه لكتابات العقاد الفكرية والأدبية و النقدية منذ عام 1930 م ، ثم اتصل به عدة مرات ، حضر خلالها جلسته الأسبوعية إلى كان يعقدها صباح يوم الجمعة من كل أسبوع فنهل من معينه العذب الفياض الذى لا ينضب ، وطرح عليه تساؤلاته واستفساراته ،  وكان من أوفى مريدى العقاد " .
وتتنوع موهبته ومؤلفاته ، فأصدر ديوانه الأول ( فى تيه الحياة ) ،  وهو بعد لم يزل طالبا بدار العلوم ،  وأهداه إلى " المهاتما غاندى " الثائر الهندى وفيلسوف عصره ، وزعيم زمانه ، وإلى الأستاذ العقاد صاحب القلم الجبار والديوان المستنير  ،  وديوان " الحصاد "  ، ثم  يترجم "السادهانا " أو"كنه الحياة " للشاعر الهندى طاغور سنة 1947 ، ويفوز بجائزة وزارة التعليم للتعليم المسرحى عام 1958 م ،  بالإضافة إلى أعمال فكرية أدبية أخرى، أظهر فيها روعة موهبته ، فأبدع مسرحية (سلمى ) , وهى مسرحية شعرية ( عن حرب 1956)  ، و مسرحية  نثرية بعنوان (الأعمى والطريق  ) .
و من أعماله : ابن البلد - رواية تاريخية مصرية - مخطوطة، و له عدد من المقالات والأبحاث، منها: -« ثورة العقاد الأدبية» - كتاب العقاد دراسة وتحية - مكتبة الأنجلو المصرية - 1962، «في ذكرى الشاعر أحمد مخيمر» - مجلة الرائد - السنة الرابعة والعشرون - العدد الثاني - يونيو 1979
كما اتجه إلى تحقيق التراث ، فحقق(نثر الدر) للآبى وقد صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في أربعة أجزاء - أعوام 1980، 1981، 1984, و(المحمدون من الشعراء) ولكنه أحجم عن طباعته لظهوره محققا ومنشورا فى دمشق ، وكذلك (ربيع الأبرار) للزمخشرى وهو أربعة أجزاء، صدر الجزء الثاني عن دار الكتب والوثائق - القاهرة 2001، وما تزال الأجزاء الثلاثة المتبقية في حوزة أسرته.
 وقد شارك الشاعر محمد قرنه فى مهرجان الشعر الأول للشعراء العرب بدمشق عام 1959 م ، بقصيدة بعنوان " تحية دمشق " ، يقول فى مطلعها :
أشرقت مهجتي وفاض رجائي      يوم عطرت يا دمشق دمائي
من عبير الأحرار فتية  قومى      وعبير من أرضك الخضراء 
ويختمها بقوله :
يا دمشق الغراء أرضك أرضي     وسماء تحنو عليك سمائي
هــاك مـنى تحـية  وودادا           معشب الربع حافـل الأنـواء
أشرقت مهجتى و فاض رجائى     يوم أسكرت يا دمشـق دمائى
 كما شارك الشاعر محمد قرنه في مؤتمر الشعراء العرب الرابع بالإسكندرية عام 1962 ممثلا لشعراء أسيوط ، كما مثل شعراء محافظة سوهاج الشاعر عبد الرحيم صارو؛ وقد شارك محمد قرنة فى المؤتمر بقصيدة بعنوان "أمس واليوم "، والتي يقول فيها :
لا تسلنى يا صـديقى أين كنا         قد رمينا قيودنا  وانطـلقنا
قد نفضنا الظـلام والظلم عنا         وتبعنا ركب الحياة  وسرنا
ووثبنا إلي الأمـانى سـراعا         فرأينا الآمـال تدنـو إلينا
قد خلعنا الأمس الذى كان قيدا         فعرفنا للعيش روحا ومعنى

واستمرت حياة الشاعر محمد قرنة نهرا دفاقا بالخير والحب والعطاء سنينا طويلة , إلى أن جف المداد ، وسكت اللسان ، وخفق الفؤاد خفقته الأخيرة معلنا نهاية الرحلة ،  ورجع الشاعر إلى العالم الكبير الذى كان يتمناه فترجل عن فرسه، وغادر دنيانا بعد أن أصابت منه أكثر مما أصاب منها ، يوم الرابع والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1979 م .  

 قصيدة ( أنا و نفسى) 
للشاعر : محمد قرنه
أنـا
استيقظى ، يا نفسى لا تمكـ               ـثى فى غفوة الماضى , ولا تحلمى
عشـت على الأوهام فى را                حة والوهم مـوت سارب فى الـدم

الغديـر يدعوك بأنــواره                وغيبـه المحجوب خلف الفضــاء
ببشـره الصافى، بآمالـه                 بخوفـه الحائـم خلف الرجـــاء

استيقظى ، ثم اتركى مـا                   مضى يمضى ، ولا تلتفتى للـوراء
الغـد يا نفس له دعـوة                    من لـم يحبها سـار نحو الفنــاء

النفـس
دعنـى أحلم بالذى قـد                      مضى لا أفتح العين لهذا الوجـود
فالحلـم فيه نشوة حلـوه                      مـن ذاقها يعرف سر الخلــود

ألا ترى الذكرى ، وأشـ                     ـباحها تطوف حولى كرفاق القدم
كم خطرة ، كم نشوة حلوة                    تـرن فى الذكرى رنين النغــم

وذلك الأمس الذى ينطـ                      ـوى حىٌ هنا ، حىٌ ، بعينى أراه
أحسه منى وإن غاب فى                     ظل من الماضـى ، و ولت خطاه

دعنى أعش فيه ، ولا تـ                    ـدعنى للغد، إن الغد عندى خيال
أعيش كالزهرة فى حلـ                  ـمها إذ تنطوى – فى نشوة – للزوال

أنـا
استيقظى يا نفس , هـذا                 الضياء قد جاء يدعوك كصوت السماء
والطير غنـت من وراء                  الربا والأرض مدت روحها للفضـاء

الغد قد أقبل فى طلعـه                       تبـث فى الأشيـاء روح الجـذل
تدعو الوجود الرحـب                        أنواره لعالم الحب ودنيا الأمــل
الجو يا نفسى به صحوة                       والأفـق بيد وباسما من بعيــد
ماذاك صبح ..إنه عالم                        يبدو و من الغيب ، وكـون جديد

فاستيقظت نفسى من حـ                     ـلمها ترنو إلى هذا الضياء العميم
وأشرق النور بآفاقهــا                      وانقشعت عنهـا ظلال الهمــوم
ثم رنت للزهر من كمه                      يبـدو ، وللطيـر شـدا ثـم راح
ثم بدا وجهك فى حسـ                        ـنه فكان فيه كل سحر الصبـاح



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فنون

سينما

يتم التشغيل بواسطة Blogger.